فضل عشر ذي الحجة ( خطب ومحاضرات لجمع من أهل العلم ) .
كاتب الموضوع
رسالة
safaa dagamseh
عدد الرسائل : 442 العمر : 30 العمل/الترفيه : طالبه تاريخ التسجيل : 30/11/2008
موضوع: فضل عشر ذي الحجة ( خطب ومحاضرات لجمع من أهل العلم ) . الأحد ديسمبر 07, 2008 8:29 am
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده و نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضل له، ومَنْ يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله - تعالى - بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله و أصحابه ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فيا أيها الناس، إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى حج بيت الله الحرام، ترجون من الله الرحمة وتؤمنون الفوز بدار النعيم المقيم، وتؤمنون بالخلف العاجل من الله عزَّ وجل .
إنكم تتوجهون في أشهر حرم إلى أمكنة فاضلة ومشاعر معظمة تؤدون عبادتا من أجلِّ العبادات، لا يريد المؤمن بها فخراً ولا رياءً ولا نزهةً ولا طرباً، إنما يريد بذلك وجه الله - عزَّ وجل - والدار الآخرة، فأدوا هذه العبادة كما أمرتم مخلصين لله متَّبعين لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، غير مغالين ولا مقصرين؛ فإن دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، فقوموا في سفركم وفي إقامتكم بما أوجب الله عليكم في الطهارة والصلاة وغيرهما من شعائر الإسلام، إذا وجدتم الماء فتطهروا به للصلاة فإن الله - عزَّ و جل- يقول في كتابه العزيز:+فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ" [المائدة: 6]، «أدوا الصلاة جماعة ولا تشتغلوا عنها بشيء؛ فإن صلاة الجماعة تفوت، وأما الشغل فيمكن قضاؤه فيما بعد»(1) كما جاء في الحديث المتفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«صلوا الرباعية ركعتين من حين مغادرة بلدكم حتى ترجعوا إليه فصلوا الظهر والعصر والعشاء على ركعتين ركعتين»(2) كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه، «إلا أن تصلوا خلف إمام يتم فأتموها أربعاً»(3) سواء أدركتم معه الصلاة كلها أو بعضها حتى وإن لم تدركوا إلا التشهد فأتموا أربعاً لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»(4)، «اجمعوا بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير حسب ما يتيسر لكم هذا إن كنتم سائرين»(5) كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما إن كنتم نازلين فالأفضل أن لا تجمعوا وإن جمعتم فلا حرج، وصلوا منه من النوافل ما شئتم ليلاً ونهاراً إلا في أوقات النهي فلا تصلوا إلا ما له سبب وإلا سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل ألا تصلوها، ولكن صلُّوا النوافل مطلقة؛ لأنه ليس من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي «راتبة الظهر ولا راتبة المغرب ولا راتبة العشاء»(6)، تخلقوا بالأخلاق الفاضلة من الصدق والسماحة وبشاشة الوجه وخفة النفس والكرم بالمال والبدن والجاه وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، واصبروا على المشقة والأذى؛ فإن الله مع الصابرين، «فقد قيل: إنما سُمي السفر سفراً؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال»(م1) أي: يُبيِّنها ويُوضحها، فكم من إنسان لا تعرف أخلاقه إلا إذا صاحبته في سفر، فإذا وصلتم الميقات «فاغتسلوا كما تغتسلون للجنابة»(7) «وطيبوا أبدانكم الرؤوس واللحى»( «والبسوا ثياب الإحرام غير مطيبة، الرجل يلبس إزاراً ورداءً أبيضين»(9)، وأما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب غير ألا تتبرج بزينة، أحرموا من أول ميقات تمرون به وإن كان غير ميقاتكم الأصلي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقَّت المواقيت وقال: «هنُّ لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة»(10)، ومن كان في الطائرة فليتأهب للإحرام قبل محاذاة الميقات ثم يحرم إذا حاذاه بدون تأخير وليكن الإنسان محتاطاً في ذلك؛ لأن الطائرة سريعة المرور ولا حرج أن يحرم قبل الميقات بخمس دقائق مثلاً، أحرموا بالنسك من غير تردد ومن غير شرط إلا أن تخافوا من عائق يمنعكم من إتمام النسك من مرض أو غيره فقولوا عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ومن معه أحرموا بدون اشتراط، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولما أخبرته ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أنها شاكية أي: مريضة قال: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني فإن لكِ على ربك ما استثنيتِ»(11)، أحرموا بالعمرة قائلين: «لبيك اللهم عمرة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة، لك والملك لا شريك لك»(12)، «وارفعوا أصواتكم بالتلبية إلا النساء فلا يرفعن أصواتهن»(13)، «فإذا وصلتم المسجد الحرام فطوفوا بالبيت طواف العمرة سبعة أشواط ابتداءً من الحجر الأسود وانتهاءً به، طوفوا بجميع البيت ولا تدخلوا من بين الحِجر والكعبة فمن فعل ذلك لغى شوطه ولم يصح»(14) «ولا تشقوا على أنفسكم بمحاولة الوصول إلى الحجر الأسود لاستلامه أو تقبيله وأشيروا إليه عند المشقة فإن الإشارة إليه عند المشقة تقوم مقام استلامه»(15) كما جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولا تكلفوا أنفسكم بمحاولة الدنو من الكعبة؛ فإن الخشوع في الطواف أفضل من القرب إلى الكعبة، وجميع المسجد الحرام مكان للطواف حتى السطح الأعلى والأوسط، فإذا أتممتم الطواف «فصلوا ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر»(16) كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وإلا ففي أي مكان من المسجد، «ثم اسعوا بين الصفاء و المروة سعي العمرة سبعة أشواط تبتدئون بالصفاء وتنتهون بالمروة، ذهابكم من الصفاء إلى المروة شوط ورجوعكم من المروة إلى الصفاء شوط آخر»(17)، كما صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه، فإذا أتممتم السعي «فقصروا رؤوسكم من جميع الجوانب حتى يظهر أثر التقصير على الشعر»(18) كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، «أما المرأة فتقصر بقدر أنمله أي: بقدر فصلة إصبع»(19) «وبذلك تمت العمرة وحلَّ المحرم من إحرامه حلاًّ كاملاً وبذلك يمتثل أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم»(20)، «فإذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة فأحرموا بالحج من مكانكم الذي أنتم فيه»(21)، «واصنعوا عند الإحرام بالحج كما صنعتم عند الإحرام بالعمرة قولاً وفلاً إلا أنكم تقولون: لبيك حجاً بدل قولكم لبيك عمرة»(22)، ثم صلوا بمنى ظهر اليوم الثامن والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، تصلون كل صلاة في وقتها اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا طلعت الشمس فسيروا إلى عرفة وصلوا بها الظهر والعصر قصراً وجمعاً بالتقديم ثم اشتغلوا بذكر الله ودعائه والتضرع إليه وارفعوا أيديكم حين الدعاء متضرعين إلى الله مستقبلي القبلة، وكل عرفة موقف إلا بطن الوادي عُرَنَه، وانتبهوا لحدود عرفة فإن بعض الناس ينزل قبل أن يصل إليها ثم ينصرف من مكانه بدون وقوف فيها، ومن لم يقف بعرفة في وقت الوقوف فلا حج له .
فضل عشر ذي الحجة ( خطب ومحاضرات لجمع من أهل العلم ) .